sυρєя ℓσvє عضو فعال
الجنس : عدد المساهمات : 62 تاريخ التسجيل : 02/02/2013 المزاج : رايق
| موضوع: فضل العرب الأحد فبراير 03, 2013 5:46 pm | |
| هل صح شيء في فضل العرب ؟
الحمد لله من المقرر في قواعد الشريعة المقررة في القرآن الكريم أن ميزان التفاضل والمنافسة بين الناس هو التقوى والعمل الصالح ، كما قال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13. ومن المقرر أيضا في السنة النبوية أن العروبة مفضلة على غيرها من الأجناس ، فقد اختار الله سبحانه وتعالى النبي محمدا صلى الله عليه وسلم من العرب ، وجعل القرآن – الذي هو الرسالة الخالدة – عربيا ، واتفق أهل السنة والجماعة على أفضلية العروبة على غيرها من الأعراق والأنساب . وليس بين التقريرين السابقين تعارض : فتفضيل العروبة هو تفضيل جنس وليس تفضيل أفراد ، فالعجمي المتقي الصالح خير من العربي المقصر في حق الله تعالى ، وتفضيل العروبة إنما هو اختيار من الله تعالى ، قد تظهر حكمته جلية ، وقد لا تكون ظاهرة لنا ، إلا أن في العرب من الصفات والخلال ما يشير إلى وجه هذا التفضيل . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد ، فإن في غير العرب خلقا كثيرا خيرا من أكثر العرب ، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار من هو خير من أكثر قريش ، وفي غير بني هاشم من قريش وغير قريش من هو خير من أكثر بني هاشم " انتهى. "مجموع الفتاوى" (19/29-30) وقد كتب كثير من العلماء كتبا خاصة في هذا الموضوع ، كالإمام ابن قتيبة في كتابه " فضل العرب والتنبيه على علومها"، والإمام العراقي في "محجة القرب في فضل العرب"، ونحوه للإمام الهيثمي ، ومن المتأخرين العلامة مرعي الكرمي في رسالته : " مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب "، والشيخ بكر أبو زيد في " خصائص جزيرة العرب "، كلها تقرر الحقيقة السابقة . ولعل أفضل من شرح المسألة وبينها بالبيان الشافي شيخ الإسلام ابن تيمية ، فنحن ننقل نص كلامه هنا ، مع شيء من الاختصار غير المخل إن شاء الله . يقول رحمه الله : " الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم : عبرانيهم ، وسريانيهم ، رومهم ، وفرسهم ، وغيرهم . وأن قريشا أفضل العرب ، وأن بني هاشم أفضل قريش ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم ، فهو أفضل الخلق نفسا ، وأفضلهم نسبا . وليس فضل العرب ، ثم قريش ، ثم بني هاشم ، بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم - وإن كان هذا من الفضل - بل هم في أنفسهم أفضل ، وبذلك ثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسا ونسبا ، وإلا لزم الدور . ولهذا ذكر أبو محمد حرب بن إسماعيل بن خلف الكرماني ، صاحب الإمام أحمد ، في وصفه للسنة التي قال فيها : هذا مذهب أئمة العلم ، وأصحاب الأثر ، وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها ، وأدركت مَن أدركت مِن علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة ، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وسعيد بن منصور ، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم فكان من قولهم : أن الإيمان قول وعمل ونية ، وساق كلاما طويلا إلى أن قال : ونعرف للعرب حقها ، وفضلها ، وسابقتها ، ونحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حب العرب إيمان ، وبغضهم نفاق ) – رواه الحاكم في "المستدرك" (4/97) وقال الذهبي : الهيثم بن حماد متروك ، وانظر "السلسلة الضعيفة" (1190)- ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ، ولا يقرون بفضلهم ، فإن قولهم بدعة وخلاف . ويروون هذا الكلام عن أحمد نفسه في رسالة أحمد بن سعيد الإصطخري عنه إن صحت ، وهو قوله وقول عامة أهل العلم . وذهبت فرقة من الناس إلى أن لا فضل لجنس العرب على جنس العجم ، وهؤلاء يسمون الشعوبية ، لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرة للقبائل ، كما قيل القبائل للعرب ، والشعوب للعجم . ومن الناس من قد يفضل بعض أنواع العجم على العرب . والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عن نوع نفاق : إما في الاعتقاد ، وإما في العمل المنبعث عن هوى النفس ، مع شبهات اقتضت ذلك . ولهذا جاء في الحديث : ( حب العرب إيمان ، وبغضهم نفاق ) . مع أن الكلام في هذه المسائل لا يكاد يخلو عن هوى للنفس ، ونصيب للشيطان من الطرفين ، وهذا محرم في جميع المسائل . فإن الله قد أمر المؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعا ، ونهاهم عن التفرق والاختلاف ، وأمر بإصلاح ذات البين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله ) وهذان حديثان صحيحان ، وفي الباب من نصوص الكتاب والسنة ما لا يحصى . والدليل على فضل جنس العرب ، ثم جنس قريش ، ثم جنس بني هاشم : ما رواه الترمذي من حديث إسماعيل بن أبي خالد ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ! إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم ، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم ، ثم خير القبائل فجعلني في خير قبيلة ، ثم خير البيوت فجعلني في خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفسا ، وخيرهم بيتا ) قال الترمذي : هذا حديث حسن ، وعبد الله بن الحارث هو ابن نوفل . [ الحديث رواه الترمذي (3607) وأحمد (17063) ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ] . والمعنى أن النخلة طيبة في نفسها وإن كان أصلها ليس بذاك ، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه خير الناس نفسا ونسبا . وروى الترمذي أيضا من حديث الثوري ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله ابن الحارث ، عن المطلب بن أبي وداعة قال : جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه سمع شيئا ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : من أنا ؟ فقالوا : أنت رسول الله صلى الله عليك وسلم . قال : أنا محمد ، بن عبد الله ، بن عبد المطلب ، ثم قال : إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ، وخيرهم نفسا ) قال الترمذي : هذا حديث حسن .
[ رواه الترمذي (3532) ، وأحمد بنحوه (1791) ، وحسنه محققو المسند ]
وقوله في الحديث : ( خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم خيرهم فجعلهم فرقتين ، فجعلني في خير فرقة ) يحتمل شيئين : أحدهما : أن الخلق هم الثقلان ، أو هم جميع ما خلق في الأرض ، وبنو آدم خيرهم ، وإن قيل بعموم الخلق حتى يدخل فيه الملائكة ، فكان فيه تفضيل جنس بني آدم على جنس الملائكة وله وجه صحيح . ثم جعل بني آدم فرقتين ، والفرقتان : العرب والعجم . ثم جعل العرب قبائل ، فكانت قريش أفضل قبائل العرب ، ثم جعل قريشا بيوتا ، فكانت بنو هاشم أفضل البيوت . ويحتمل أنه أراد بالخلق بني آدم ، فكان في خيرهم ، أي ولد إبراهيم ، أو في العرب ، ثم جعل بني إبراهيم فرقتين : بني إسماعيل ، وبني إسحاق ، أو جعل العرب عدنان وقحطان ، فجعلني في بني إسماعيل ، أو بني عدنان ، ثم جعل بني إسماعيل أو بني عدنان قبائل ، فجعلني في خيرهم قبيلة وهم قريش . وعلى كل تقدير فالحديث صريح في تفضيل العرب على غيرهم . ومثله أيضا في المسألة ما رواه أحمد ومسلم والترمذي من حديث الأوزاعي عن شداد بن عمار عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ) . وهذا يقتضي أن إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم ، فيقتضي أنهم أفضل من ولد إسحق ، ومعلوم أن ولد إسحق الذين هم بنو إسرائيل أفضل العجم ، لما فيهم من النبوة والكتاب ، فمتى ثبت الفضل على هؤلاء فعلى غيرهم بطريق الأولى ، وهذا جيد ... واعلم أن الأحاديث في فضل قريش ثم في فضل بني هاشم فيها كثرة ، وليس هذا موضعها ، وهي تدل أيضا على ذلك ، إذ نسبة قريش إلى العرب كنسبة العرب إلى الناس ، وهكذا جاءت الشريعة . فإن الله تعالى خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها ، ثم خص قريشا على سائر العرب بما جعل فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص ، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة واستحقاق قسط من الفيء إلى غير ذلك من الخصائص ، فأعطى الله سبحانه كل درجة من الفضل بحسبها ، والله عليم حكيم . ( الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ) و ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) وقد قال الناس في قوله تعالى : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) وفي قوله : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) أشياء ليس هذا موضعها . وفي المسألة آثار غير ما ذكرته ، في بعضها نظر ، وبعضها موضوع . وأيضا فان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع ديوان العطاء كتب الناس على قدر أنسابهم ، فبدأ بأقربهم نسبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انقضت العرب ذكر العجم ، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الخلفاء من بني أمية وولد العباس إلى أن تغير الأمر بعد ذلك . وسبب هذا الفضل - والله أعلم - ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم ، وذلك أن الفضل إما بالعلم النافع ، وإما بالعمل الصالح ، والعلم له مبدأ ، وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم ، وتمام وهو قوة المنطق الذي هو البيان والعبارة ، والعرب هم أفهم من غيرهم ، وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة ، ولسانهم أتم الألسنة بيانا ، وتمييزا للمعاني جمعا وفرقا ، يجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل . وأما العمل فإن مبناه على الأخلاق ، وهي الغرائز المخلوقة في النفس ، وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم ، فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء وغير ذلك من الأخلاق المحمودة " انتهى. "اقتضاء الصراط المستقيم" (148-162) وانظر : "منهاج السنة النبوية" (4/364) والله أعلم . | |
|